سيري ببطء يا حياة
لكي أراك بكامل النقصان حولي
كم نسيتك في خضمك باحثا عني وعنك
وكلما أدركت سرا منك
قلت بقسوة:
ما أجهلك
(محمود درويش، كزهر اللوز أو أبعد )
ألقى بجسده المنهك على أقرب كرسي
نظر بصعوبة إلى الساعة المعلقة على الجدار
حسنا: لا زال هناك عشر ساعات (همس في سرَه )
قشعريرة الجسد، وحبات العرق البارد التي تبلل ملابسه
لم تترك لديه شك أنه ( محموم )
جالت في خاطرة (سيجارة )، لكنه وجد المسافة إلى جيب جاكيته أبعد مما تستطيعه قواه
فطرد الفكرة من باله مكرها!
جاور يدية على سطح الطاولة، أغمض عينيه وأحنى رأسه ببطئ فوقهما
استعاد لقاءه معها بالأمس......
وكيف عبرت له عن أمنيتها أن يكون موجودا في حفل زفافها
وكيق استجمع كبرياء رجل جاوز الخمسين ليهز رأسه ويمضي
ما أوقحها !!!
لطالما قالت له: كم كنت أتمنى أن تكون أصغر بعشرين عاما
أو أن يتغير المنطق في المجتمع ليصبح مستساغا لفتاة في العشرين
أن تتزوج من رجل جاوز عمر أبيها.
سحقا للمنطق، كان يهذي !
ألم نصنعه نحن بعقولنا القاصرة ؟؟
ولماذا رفعناه لمرتبة القداسة؟
فلا نجرؤ على المس به.!
تراءت له سنوات عمره كصحراء قاحلة ممتدة إلى ما لانهاية
عبثا استعاد الطفل في داخله وأخذ يجري بحثا عما يقيه لهيب شمس حارقة
عبثا بحث عن صورتها في الرمال الملتهبة
لكن الرياح كانت تعوي بعنف
وهي تذرو في الفضاء صور آخر الراحلين.
لا زال يراهن على الحظ !
أمامك أيها الحظ عشر ساعات لتثبت من جديد أنك حسن النوايا .....
كان يهذي....
كما تعود لمئات المرات أن يهذي صحوا أمام الرفاق
كان يسمي أي حدث سعيد يمر به
(بادرة حسن نوايا من الحظ )
تماما كما كان يسمي لقاءه بها!!!
عبثا يحاول التشبث بصورتها
فقد أخذت يداه ترتخيان رويدا رويدا.....
جالت في خاطره المشتت كل الصور والأماكن والأشخاص
(أحتاج لبادرة حسن نوايا جديدة من الحظ )
هذى وهو يهوي في عالم جديد لم يألفه
استعاد كل الأفراح والأتراح
خيبات الأمل، ونشوة الانتصار
الأشخاص الذين أحبهم حتى الموت
والأشخاص الذين اختلف معهم
تساوت لديه كل المتناقضات
سحقا كم هي الأشياء متشابهة !!!
قال
ويداه المتعبتان تفقدان القدرة على التمسك بأهداب الحياة ...
و فيما كانت الحياة تصبح كنقطة تبتعد عنه ببطء
استسلم لخدر لذيذ لف جسدة المرتعش
وشفتاه تتمتمان بصوت غير مسموع
(احتاج لبادرة حسن نوايا جديدة )
الجمعة أكتوبر 23, 2009 6:23 pm
